فصل: النوع الرابع: آلات السفر:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: التعريف بالمصطلح الشريف



.النوع الثالث: الآلات الملوكية:

في التخت: وعقد لإجماع على ملكه، ونظم لاجتماع في سلكه؛ فانحل الرتاج، وحل على التخت فحلى على التخت والتاج؛ وكان للسرير، أجل مما جلل به من الحرير؛ وأعظم مما صفح به من الذهب، بعض ما وهب؛ فشرف قدر ذلك العود، وتمنى أن زمانه في الغصن الأخضر لا يعود؛ وأتى تخت أفريدون دونه، وود عرش بلقيس أن يكونه؛ فما علا مثله قدر تخت، ولا قدر لمثله بخت.
في المنطقة: وأنعم عليه بمنطقة شد بها ظهره، وشد أزره؛ وناط بها من العلائق ما يحسن تحت عاتقه، ولا يزال يذكر بها عند المنعم بها بعلائقه؛ قد زينت بها الحضور، وتطلب ما ضاع تحتها من طيب الثياب فأصبحت عليه تدور؛ فضم ذلك الوشاح الخصر إليه، وقال ذهبه: كم لي أدور وما وقعت لي عين عليه.
في الخاتم: وتناول خاتم الأمان بيده، وختم على ما ختم بعسجده؛ فكأنما سلب به الثريا ما كانت يدها قد ادخرته لبنانها، وجعلته ألسنة الشموس الملغلغة خاتما لبيانها.
في المنديل: وتناول منه منديل الأمان، وكفيل السلامة الوافي بالضمان؛ يشد الوسط فلا ينحل، ويقوم مقام المنطقة في المحل؛ جرت على عادة الطمأنينة به الجواد، وبشر يدا تناولته بأنها لا تمس بعده بمنديل إلا أعراف الجياد.
في الحرمدان: والحرمدان كمامة ثمر، وغمامة سماء تحتها قمر؛ دوح أوراق، وقرارة ما تكدر أوراق؛ كأنما قدت من جلدة الليل، وعلقت بالثريا وطرفت بسهيل.
في القلم: وقلمه بالسيوف الركع يخدم، والرماح بمطاولته تقرع السن مما تندم؛ توقى سود أهدابه بالأجفان، وينزل لقرى كرمه الضيفان؛ يروع بالصرير، وينقل عن الأسود الزئير؛ قد قصر مجاريه، وعد من الأبرار لتمجيد باريه.
في الدواة: وما فتئت أرشية الأقلام تستقي من قليبها، وتستر بخضابها الأسود بياض مشيبها؛ منبع الأرزاق، وموضع الإرفاق، ذات الليل الذي كله نجوم وأقمار، ومنبت السمرات ذوات الأثمار؛ قد تردت بمثل جناح العقاب، وأردت الأعداء وجعلت بأيدي الأولياء العقاب.
وفيها: وقدمت له الدواة وهي رتبة التشريف، وآلة التصريف؛ والأفق الذي يبعث إلى كل أرض غماما، ويراسل في كل دوح حماما؛ وتحوي حكم الأقاليم أقلامها، وينفلق عن صباح المعاني ظلامها؛ وتتفجر الأرزاق من منبعها، ويشكر أيادي النيل وما يجيء من القلم قدر إصبعها؛ يروع الأعداء مدد مدادها، وتخاف لقاها ولا تهاب الجيوش لأنها تعلم أنها إنما جاءت لتكثير سوادها.
في المرملة: وماج منها كثيب، ونبع قليب؛ وهبت بها رمال، ودبت مثل أكارع النمال؛ وملأت سحبها مدارج الدروج، وسدت على فضاء البيضاء الفروج؛ فأنبتت لوقتها الرياض، وجمعت بالرمل الحمرة والبياض؛ فجاءت على تفصيل ما فيها والجملة، وبدت من تحت سجوفها كل رملة أحسن من رملة؛ فأبهج ذلك الرداء الرخيص مشبرقا، وسحب ذيله برمل زرود والنقا؛ فعاد قرطاسي القرطاس كميتا لم يخضبه النجيع، ونوار المهرق شقيقا لم ينبته الربيع؛ وأمنت به سماء الخط أن تطمس، وأظلت أنداء السحب بيوم قد أشمس؛ فبث في بياض النهار حمرة الشفق، وكلل السطور بما يكلل به لؤلؤ الطل الورق؛ وتنبهت به تلك الحروف فعبرت أحسن التعبير، وغدت وكأن رمالها من الطيب مسك والتراب عبير.
في السرج واللجام: وكم ثم سرج ينافسه الجبين في تكوينه، والهلال في تلوينه؛ يضيء منه كوكب، ويسري منه أمن مركب؛ كأنه فتر قد أشار بقرب المسير، أو مخلف جاء به البشير؛ كأنما غشاه الأصيل بذهبه، أو وشاه البرق بلهبه؛ قرن بأمثاله وإن لم تستو كل شروط المقابلة، وأضحت عليها أولياؤنا إخوانا على سرر متقابلة؛ هذا إلى لجم لو لم تمسك الخيل الشكائم لطارت، ولو لم تأبه لها بالأعنة لما سارت؛ مما لم يصح لملك قبلنا ولا تهيا، ولا قاد في عنانه البرق وقد أسرج وألجم بالثريا.
في الكور والزمام: وأرخينا أزمة المطي وما منها إلا موشح على كوره، متأهب لبكوره؛ قد تقلدت بزمامها، وتقدمت المطايا لاهتمامها؛ وأفلت من الكور هلالا، ومدت من الوشح ظلالا؛ وأمست لا يحثها إلا بارق على أضا، ولا تبعد على راكبها مسافة وزمامها بيده وما ضاق الفضا.
في السوط: وقد لها سوطا يزيد في أدبها، ويوجب به في السرعة دأبها؛ فلم يزل يسوق عهاد جيادها ببرقه، ويصبه عليها فتتصبب عرقا مثل ودقه.
في الأعلام- وهي العصائب: ونشرت العصائب المنصورة فهبت بالسعادة ريحها، وظللت الكتائب فيحها؛ وحومت حولها العقبان واثقة بما تطعم من جزرها، وبما تطمع به من نهاب عسكرها؛ وعرفت لها ميامن كل راية صفراء، ورفعت فجرت وراءها الجيوش ونصبت للإغراء؛ وأحاطت بالعصابة السوداء الخليفتية فكانت سويداء قلبها، ومضت بها فكانت سيوفا بعثت من قربها.
في المظلة- وهي الجتر: ورفعت علينا قبة تظللنا من الشمس حيث سرنا، وتقيم معنا حيث صرنا؛ لم يرفع على غير الرماح أساسها، ولم يتوج بغير السماء رأسها؛ قد بنيت على صهوات الجياد، وأعدت دون الأبنية لأوقات الجلاد؛ فهي رواقنا المنصوب في كل سرى وسير، وبساط ملكنا السليماني الذي تسري أمامه الوحش وتظلله الطير.
في الطبول: ودقت الطبول حتى ظن أن الأرض قد انقلبت، وأن الجبال مع الرجال قد أجلبت؛ حتى خيلت في يوم العرض أنه يوم القيامة، وأنه يوم العرض الأكبر فما تمنى امرؤ إلا السلامة.
في البوقات: وأعدت البوقات في جنبات العسكر المنصور، وأرجفت الأرض فما قيل إلا أن إسرافيل نفخ في الصور؛ وقد أعلن نفرها، ولم يسمع في الحرب إلا سفرها؛ فلم يزل يفاجئ الأعداء منها الانتكاس، ويرسل عليهم بإرعاد السيوف بها شواظا من نار ونحاس؛ فلو زجر البحر بصوتها لم يجر، ولولا الريح أسمع من حجر.
في الصرناي- وهو الزمر: وقد صبر ذلك الصرناي، على الصبر على الناي؛ لولاه لم يعرف زنام، ولا اشتهر حديثه مع المعتصم بين الأنام؛ لم يبلغ مدى صوته شبابه، ولا يحق لبياض مشيبها إلا أن يفدي شبابه.
في المشدة- وهي الرقبة: وشدت على فرس النوبة الرقبة السلطانية تعجب النظار، وتحدث المسرة بما فيها من ذائب النضار؛ كأنما لمعت بذهب البروق غواديها، وعلمت الخيل مقدار الشرف بها فطالت به هواديها؛ وذلك في ساعة تحققت بها الآمال ما كانت مرتقبة، وبيد ولي ما شد منها رقبة حتى فك ألف رقبة.
في الغاشية: وحملت الغاشية بين أيدينا وسارت بها الحاشية، وطار بها الخبر فمل يبق إلا قال: هل أتاك حديث الغاشية؛ ومشى بها حاملها وهي تتمايل سرورا ببلوغ الأرب، وفرحا بأيامنا المقبلة أوجب لها هذا الطرب.
في الخيل الجفتا- وذكرت هنا لمناسبتها هذه الآلات-:
وتقدم (الجفتا) وهما راكبان على فرسين أشهبين صوحب بينهما حتى تآلفا، وأبيضا لما طبعا على الصفا؛ قد اقتسما اليمين والشمال، وسارا وهما للهدو مثل دبيب النمال؛ ما انفصلا مذ اعتنقا، ومذ تلازما ما افترقا؛ داما على ود غير مختلف، واتحدا حتى صارا كالواحد مثل لام الألف.

.النوع الرابع: آلات السفر:

في المحفة: واتخذ من المحفة مهدا يجد به راكبه الراحة، ويقطع به البر وكأنه مركب يشق به البحر سباحة؛ لا يعرف ممتطي صهوته بعد المدى أو اقترب، ولا مرتقي ذروته متى طلع نجم أو غرب؛ قد حملت على البغال فهي تمور مورا، ويجوب بها الفلا لا تعرف نجدا ولا غورا؛ يصل السري وعينه لا تفارق الغرار، ولا يكلف يده مسك العنان ولا العذار.
في المحمل: وقدمت الركاب، ورفعت تلك القباب؛ وحدا بها الحادي، وطار بها إذا أطربها بجانب الوادي؛ فتراقصت البخت بتلك القباب حتى مالت عذبها، ومادت على تلك التلاع الشوارف كسبها؛ وأضحت تسأل لديها الذمم، وأمست الريح كالغيرى تجاذبها فصول الريط واللمم؛ وشدت على مطا الطايا منها بروج مشيدة، وكسيت أحسن الملابس لما كانت معنا مجردة.
في الخيام: ونصبت له من الخيم في كل أرض دار محلال، وشيدت أفنية تتفيأ لها ظلال؛ قد سدت الأطناب عمدها، وكأن وتد السماء عامود ووتد الأرض وتدها؛ وأقلت قمرا واستقلت فلكا، وسمت سماء تحوي ملكا؛ وبني منها من الخيام كل رفيع، وكل بيت بني على الأسباب والأوتاد ولم يدركه التقطيع؛ فوسعت الأرض تلك الأفنية؛ وأربت عن جملة السماء تلك الأبنية؛ وأصبح بينما تزاح أعذارها للمقام تزال، وأهلها لا يستقر بهم وطن ولا دار كأنهم فوق متن الريح نزال؛ فأحسنت في صحابتها، وأمطرت لا نوء دون سحابتها؛ ولم يزل حولها موارد هيام، وحيث نصبت قيل: سقيت الغيث أيتها الخيام.
في الخركاه: ورفعت منها قبة امتدت السحب دون سجوفها، وعقدت قبة السماء على سقوفها؛ وعمرت عمر النسور ما عاش لبدها، وربطت ربط السوابق لا ينزل عنها طول الدهر لبدها؛ وقوي بقوة التركيب على ضعف تلك الأعضاء وهنها، ولا ينفش بسوافي الريح عهنها، ولا تزال لبابيدها الحمر مشربة ندى ورد الخدود، مؤذنة بطول بقائها الأيام مالكها بالخلود.
في أداوي الماء: وحملت معهم أداوي ماء يتبرد في تلك الهواجر بنسيمها، ويقال في ظل نعيمها؛ ولا يستأمن عليها كل خديم، ولا يغضب المتزود بها أن يقدد ولا يقد لها أديم؛ لو أنها وعود لما استطاع إخلافها، أو أمهات لما رضي إلا أخلافها؛ سحب تسري مع حاملها، وتغنيه فلا ينتجع مواقع الغمام استغناء بحاصلها.
في الحياض: وقد صدرت عن تلك الحياض الإبل بريها، وامتلأت جنباتها بما طالت به يد عبقريتها؛ ثم أضحت تلك الرواء دوافق، يمتاح لها الدلاء كأنها سعوب منصبة، ويمتار منها كل قربة لا ترد كأنها تعتقد ذلك قربة.
في الجفان: وشكرا لتلك الموائد الممدودة، واجفان المورودة، وتلك المناسف التي لو كانت كالجبال لكانت بكثرة امتداد الأيدي إليها قد نسفت، أو كالجمال البوارك لكانت بأثقال ما حملت من الطعام قد عسفت؛ ومن جفان كالجواب، ما للائم فيها جواب.
في القدور: وق أمسوا ألي أقدار عالية، وقدور بذهب النيران حالية؛ كأنها جبال راسية، أو جمال سارية، من كل قدر كأنها على موقد النر زنجية متوركة، أو ليلة ظلماء بأطراف النهار من كل ناحية متمسكة.
في نار القرى: وقد لبس الليل بها قميصا من أرجوان، وبات موقدها مثل ملك يدعو إلى رضوان؛ كم تفرعت منها في الليل شجرة ذهب، أو انقض كوكب له ذنب؛ قد أدرع الليل منها بزعفران، ونبت محمر الشقيق في مواقد النيران؛ فغشيها الطارق والمنتاب، ودنا منها كل ساري ليل إلا المرتاب.
في الأثافي: وتخلفت ثلاث تلك الأثافي وقد فرشت بعدهم الرماد، وأصبحت في جملة الجماد؛ كأنها نقط الثناء من سؤال كل سائل: أين ثووا، أو نقط الشين من قول كل قائل: هنا كانوا أو هنا شووا؛ لا تمر عليها الركائب إلا مجدة، ولا يأتي إلا لعل حروفها تستمد من تلك الأسافي مدة.
في أضواء المشاعل: وتكاثرت تلك الأضواء حتى طوت جنح الليل، وطفح النهار مثل السيل، وامتلأت الآفاق نجوما فلم يحتج أحد يسأل عن سهيل؛ هذا وخبرها دون العيان، وعنصرها مثل العقيان.
في الفانوسين: وقد توقد في دجى الليل منهما فرقدان، وتآلف منهما أخوان متقدان؛ تنظر الظلماء منهما بعينين، وتولول شعلهما فتحسبهما السابقة أذنين؛ قد حملا على رءوس الرماح تطعن بهما لبة الظلام، وتنشر منهما عليها مذهبات الأعلام؛ فلم يخف بهما منار، وكل علم في رأسه نار.